خاص – صوت الأقصى
رسم الفقر والجوع والألم معالمه في كل جزء من أرجاء المنزل .. ثمانية عشر فردا بصغارهم وكبارهم يتقاسمون ضيق المكان وسوء الحال، يعيشون الفقر في أبلغ صوره والألم في أجلى معانيه.
برفقتنا أم محمد عابد والدة الشهيدين محمد وخالد العباد ورفيقة درب الأم الفاضلة ام نضال فرحات، وهي التي أبلغتنا بحالهم وأصرت ان ترافقنا في رحلتنا صوبهم، لنصل إلي وجعهم اللامحدود، لنرى بيتاً بدون أبواب ولا نوافذ ، فقد ضُرِبت على الجداران قطعا من القماش البالي تسترهم وتوفر لهم شيئا من دفء مفقود .
شيئا فشيئا ومع حديث طال يلامس ألمهم، بدأت تتكشف ملامح حياة صعبة, فأطفالهم يتجمعون حولنا وفي عيونهم كثير من الآمال التي تحكي قصة الحرمان التي يتمنى الأطفال أن تنتهى، هذه الأحلام التي لا تتعدى المصروف اليومي لشراء قطعة حلوى أو "باكيت شيبس".
هو المشهد يحمل في طياته الكثير مما يصعب أن تُخط فيه الكلمات ولكن الأم الأرملة تحاول ان ترسم صوة من الصورة لتقول " إحنا يا إبني ساكنين في هادي الدار وزي ما إنتا شايف ما عِنا كهربا ولا مية ولا مصورة في كل الدار وزي ما إنتا شايف ما في شبابيك ولا بواب والله يا خالتي ما في عنا لا غسالة ولا تلاجة ولا خزانة زي الناس إنحط فيها هالأواعي بدل ما هُما مرمين عالأرض، وأنا وولادي وكنايني عايشين في هالدار "
زوجة ابنها تقول " زوجي يعاني من مرض الصرع ، ولما تجيلو الحالة بصير يكسر ويضرب في الولاد وهو مش حاسس ... خلص مريض الله يشفيه ... ومرات ما بكون معانا حق العلاج وخلص بتجيلو الحالة وبكسر كل إشي في الدار ... إيش بدنا نسوي الله بعين "
والطفلة صباح تقاطعنا بأدب لتخبرنا بحكاية الكلب _ أعزكم الله _ لتقول " يا عمو زي ما إنتا شايف الدار مفتوحة وفش باب زي الخلق المرة إلي فاتت دخل كلب عالدار وهجم على إختي الصغيرة وخافت وضلت سخنة تلت تيام وبابا ياخدها يعمللها الخوفة ... نفسي يصير في ابواب وشبابك "
تقاطعنا الام لتقول بدي أحكي هالقصة الغريبة ... إحكي يا خالة تفضلي ... لتقول" المرة إلي فاتت جوزي جاب قنفد عالدار والله قلي إطبخيه على مية وإعملي للولاد مرقة وخليهم ياكلو والولاد يا حرام إنبسطو بدهم ياكلو لحمة يمكن إلهم 5 شهور ما شافو الجاج وغحنا إضحنا عليهم وقلنالهم هادا أرنب بري وهوا قنفد "
لن تستطيع حروفنا أن ترسم من ذلك المشهد المزيد، فحروفنا لا تجمع بين طياتها وصفاً لمشهد نادر، أو في هذا العالم ليس له مثيل ،دعوكم من حروفنا واتركوا لهم الحروف، ستقرأ شفاههم عليكم قصة الحرمان، وسترسم دموعهم لكم درب حياتهم التي تزاحمت فيها العثرات ولم تتركـ فراغاً تتسلل منه الأيام لتهديهم شيئاً من حنان ...تابعونا الثلاثاء القادم في حلقة جديدة من برنامج لمسة أمل وعلى صفحات عقولكم سترسم كلمات أولئك المحرومين تلك الصور التي رأيناها .