أحب سيرة الهادي العدنان وسار على هدي الرب الرحمن
من قلب فلسطين انتفضنا نعلى صروح الإيمان وندك عروش الطغيان على هذه الكلمات سيلتقي الأحبة الشهداء الذين واصلوا طريق الجهاد والمقاومة وقاتلوا نيابة عن أمتهم لتكون كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا السفلى، كثير هم الأحبة ولكن أدوارهم تتوالى فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر ولكنهم ما بدلوا وما غيروا بل واصلوا طريقهم وكانوا يعرفون تماما أن دماءهم ستسيل لتروي أرض فلسطين الحبيبة فما زحزحهم ذلك عن دربهم مثقال حبة من خردل، اليوم نلتقي في سيرة عطرة مع نبراس لا زال يضيء
.
أشرقت شمس شهيدنا القسامي شادي عبد المجيد عبد الجليل السباخي في مخيم البريج الصامد في التاسع من مايو للعام التاسع والسبعين بعد تسعمائة وألف للميلاد لأسرة فلسطينية متواضعة رضيت بقضاء الله تعالى وقدره تعود جذورها إلى مدينة أسدود المحتلة والتي احتلت كما احتل ثلثي فلسطين في عام 1948م على يد العصابات الصهيونية المجرمة التي مارست القتل والإرهاب بحق أهل المدينة المسالمين الآمنين .
هجرت العائلة ليستقر المقام بها في مخيم البريج وسط قطاع غزة، وقد كان لشهيدنا رحمه الله تعالى سبعة إخوة من الذكور وثلاث من الإناث وكان ترتيبه الخامس بينهم .
فرحت العائلة الصابرة بمقدم ابنها الخامس وفرح جيران العائلة بمقدم هذا الطفل الوسيم الذي أحبه كل من نظر إليه .
وبدأ الصغير يكبر على وقع حكايات النكبة التي يرويها الكبار الذين عايشوا النكبة والنكسة بينما هو يلعب في شوارع الحواري الصغيرة في مخيم النصيرات حيث الشوارع الضيقة والرملية .
اشتهر فارسنا في فترة طفولته الأولى بأدبه الرفيع واحترامه وحبه لزملائه الأطفال وحبه للمسجد وحفظ القرآن .
كبر الصغير وكبرت معه الحكاية والقصة , وبدا أكثر وعياً فبلغ من العمر ست سنين حيث ألحقه والده بمدرسة النصيرات الابتدائية المشتركة " و " حيث خطا فيها أولى الخطوات نحو الحياة الدراسية والتعليمية , وكلمح البرق انقضت المرحلة الابتدائية لينتقل بعدها إلى المرحلة الإعدادية حتى تخرج منها ملتحقاً بمدرسة خالد بن الوليد الثانوية للبنين وقد كان في هذه المرحلة نعم الشاب المتواضع الذي يتحلى بالأخلاق والهدوء وكان هو بالنسبة لكثير من أصدقاءه قدوة حسنة حيث يقلدوه في كثير من السلوك القويم وقد عرف بالتزامه منذ حداثة سنه , ليتخرج من الثانوية العامة بمعدل أهله ليلتحق بجامعة القدس المفتوحة ليدرس تخصص الخدمة الاجتماعية ليستشهد رحمه الله تعالى قبل أن ينهي الدراسة فيها .
وشهيدنا رحمه الله متزوج من إحدى النساء الصابرات المحتسبات ولقد رزقه الله تعالى ثلاثاً من الذكور هم عبد المجيد خمسة أعوام , وعمرو أربة أعوام وإسلام ثمانية شهور .
عمل فارسنا في صفوف الشرطة الفلسطينية المهنية الشريفة التي شكلتها الحكومة الفلسطينية الشرعية بغزة عقب الحسم العسكري المبارك وكان نعم الأمين على أبناء شعبه الساهر على حمايتهم وتوفير الأمن لهم .
التزم فارسنا درب الهداية والرشاد منذ نعومة أظفاره , كيف لا وهو الملتزم دروب الماجد يعرفها منذ كان طفلاً صغيراً ,ولأن المسجد محضن العظماء كان لزاماً أن يتخلق فارسنا بأخلاق المسلمين العظماء فكان بالفعل خير ممثل لشباب المساجد ورجال الحركة الإسلامية الغراء , فقد كان فارسنا يتحلى بحسن الخلق والاحترام ودائم الابتسامة عندما يتعلق الأمر بمعاملة والديه , لا يرفع صوته فوق أصواتهما أبداً , ولا يمكن أن يسجل في تاريخه طوال حياته أنه عارضهم في شأن عزموا السير فيه , لدرجة أنه كان يظلم في بعض الأحيان غير أنه يحتمل ذلك خوفاً أن يسبب ذلك إزعاجاً لهما , فقد كان كثير الصمت شديد الحب لوالديه .
أما عن علاقته بإخوانه وأخواته فقد كان يساعد ويخدم الجميع , ولايتردد إذا ما دعاه أحدهم أن يلبي سريعا .
اشتهر بمزاحه ومداعبته لإخوانه وأخواته فقد كان على الدوام يسرع لرسم الابتسامة على وجوههم , ويؤثرهم على نفسه في كثير من الأحيان , كما أنه لم يقصر يوماً في زيارتهم رحمه الله .
أما عن علاقته بأقاربه فحدث ولا حرج ففارسنا يصل رحمه باستمرار وهو من الذين يزورون أقاربهم باستمرار ويتواصل معهم ويسهر معهم ويتسامر وإياهم بشكل مستمر , ويشاركهم أفراحهم وأتراحهم , كما كان يساعد أقاربه وأحبابه وأصدقاءه في أي عمل يطلب منهم .
عرف فارسنا بحبه لدراسة سيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم , وبدوام الابتسامة والبشاشة في وجوه إخوانه وأحبابه وكل من يقابله .
التحق بصفوف كتائب الشهيد عز الدين القسام في العام الثاني بعد الألفين
حيث اختاره إخوانه لخلقه الرفيع والتزامه الشديد فأصبح من بعدها رجلاً من رجالات القسام الواقفين على ثغور الوطن السليب يحمون أهليهم من تغول الصهاينة وأذنابهم المجرمين .
عمل فارسنا مدرباً في صفوف كتائب الشهيد عز الدين القسام وتخرج العديد من الدورات العسكرية والمجاهدين الذين يملؤون الميدان .ولالتزامه الشديد وقدرته العسكرية شارك شهيدنا في العديد من المهمات العسكرية من أبرزها :
- قصف مغتصبة نتساريم سابقاً بالهاون وصواريخ القسام .
- شارك في قصف التجمعات الاغتصابية شرق مخيم البريج .
- المشاركة في الرباط على الثغور .
- المشاركة في حفر الأنفاق القسامية
عرف فارسنا في الأوساط العسكرية القسامية بأخلاقه الرفيعة والعالية وانضباطه العسكري التام والسمع والطاعة المطلقة لقيادته العسكرية .
موعد مع الشهادة
كان الشهيد في يوم السبت السابع والعشرين من ديسمبر للعام الثامن بعد الألفين وفي تمام الساعة الحادية عشر والنصف صباحاً على رأس عمله في مركز شرطة المعسكرات الوسطى " أبو مدين ", وفي هذا الوقت قامت الطائرات الصهيونية من نوع " إف 16 " بقصف الموقع مما أدى لاستشهاد العديد من أفراد وأبطال الشرطة الفلسطينية وكان فارسنا أحدهم.
رحمك الله فارسنا الصنديد وأسكنك الله فسيح الجنات
اللهم ارحم شهدائنا الابرار
جهاز العمل الجماهيري مصلى خالد بن الوليد